كسور هضبة الظنبوب: التشريح، التصنيف، العلاج، والمضاعفات
كسور هضبة الظنبوب هي إصابات حول مفصل الركبة تصيب الجزء العلوي من عظم الظنبوب (قصبة الساق)، وغالباً ما تكون مصحوبة بإصابات في الأنسجة الرخوة المحيطة. تعتبر هذه الكسور معقدة بسبب ارتباطها الوثيق بمفصل الركبة، وتأثيرها المحتمل على استقراره ووظيفته. فهم دقيق لتشريح المنطقة، وتصنيف الكسور، وخيارات العلاج المتاحة، والمضاعفات المحتملة، أمر بالغ الأهمية لضمان أفضل النتائج الممكنة للمرضى.
تشريح منطقة هضبة الظنبوب
معرفة التشريح الدقيق لمنطقة هضبة الظنبوب ضرورية لفهم آليات الإصابة وأنماط الكسور المحتملة. يشمل التشريح العظام والأربطة والأوعية الدموية والأعصاب المحيطة بالمفصل.
العظام (Osteology)
تتكون هضبة الظنبوب من جزأين رئيسيين: الهضبة الظنبوبية الإنسية (الداخلية) و الهضبة الظنبوبية الوحشية (الخارجية). تتميز الهضبة الوحشية بأنها محدبة الشكل وتقع بشكل أقرب إلى الجزء العلوي من عظم الظنبوب مقارنة بالهضبة الإنسية، التي تكون مقعرة الشكل وتقع بشكل أبعد. يجب أيضاً مراعاة ميل الظنبوب الخلفي، وميل التغير في زاوية العظم، ودوران الظنبوب عند تقييم محاذاة الجزء العلوي من الظنبوب. هذه العوامل تؤثر على توزيع الأحمال داخل المفصل وتؤثر على استقراره.
الأربطة (Ligaments)
تلعب الأربطة دوراً حيوياً في استقرار مفصل الركبة. تشمل الأربطة الرئيسية التي يجب تقييمها عند الاشتباه في كسر هضبة الظنبوب:
- الرباط الصليبي الأمامي (ACL): يمنع انزلاق الظنبوب للأمام بالنسبة لعظم الفخذ.
- الرباط الصليبي الخلفي (PCL): يمنع انزلاق الظنبوب للخلف بالنسبة لعظم الفخذ.
- الرباط الجانبي الإنسي (MCL): يوفر الاستقرار للجانب الداخلي من الركبة.
- الرباط الجانبي الوحشي (LCL): يوفر الاستقرار للجانب الخارجي من الركبة.
غالباً ما تترافق كسور هضبة الظنبوب مع إصابات في هذه الأربطة، مما يزيد من تعقيد الإصابة ويؤثر على خطة العلاج.
مفهوم الأعمدة الثلاثة (3-Column Concept)
لتسهيل فهم أنماط الكسور وتوجيه العلاج الجراحي، يمكن تقسيم الجزء العلوي من الظنبوب إلى ثلاثة أعمدة: العمود الإنسي، والعمود الوحشي، والعمود الخلفي. هذا التصنيف يساعد الجراحين على تحديد مدى الإصابة وتخطيط استراتيجية التثبيت المناسبة. على سبيل المثال، قد يتطلب كسر يشمل العمود الخلفي تثبيتاً مختلفاً عن كسر يقتصر على العمود الوحشي.
تصنيف كسور هضبة الظنبوب
يوجد العديد من أنظمة التصنيف المستخدمة لوصف كسور هضبة الظنبوب، وأكثرها شيوعاً هو تصنيف شاتزكر، بالإضافة إلى تصنيف الأعمدة الثلاثة.
تصنيف شاتزكر (Schatzker Classification)
يعتمد هذا التصنيف على شكل الكسر وشدته، ويقسم الكسور إلى ستة أنواع رئيسية:
- النوع الأول: كسر انشقاقي وحشي بسيط.
- النوع الثاني: كسر انشقاقي وحشي مع انخساف.
- النوع الثالث: كسر انخسافي وحشي نقي.
- النوع الرابع: كسر في الهضبة الإنسية.
- النوع الخامس: كسر ثنائي اللقمة (يشمل الهضبتين الإنسية والوحشية).
- النوع السادس: كسر يشمل الهضبة الظنبوبية والانفصال عن جسم العظم.
كل نوع من هذه الأنواع له خصائصه المميزة ويتطلب استراتيجية علاجية مختلفة. على سبيل المثال، قد يتطلب كسر النوع الثالث رفع الجزء المنخسف وتثبيته، بينما قد يتطلب كسر النوع السادس تثبيتاً أكثر تعقيداً يمتد إلى جسم العظم.
تصنيف الأعمدة الثلاثة (3-Column Concept)
كما ذكرنا سابقاً، يقسم هذا التصنيف الجزء العلوي من الظنبوب إلى ثلاثة أعمدة: الإنسي، والوحشي، والخلفي. يساعد هذا التصنيف على تحديد مدى امتداد الكسر وتحديد الأعمدة التي تحتاج إلى تثبيت. على سبيل المثال، قد يتطلب كسر يشمل جميع الأعمدة الثلاثة تثبيتاً محيطياً لضمان استقرار كاف.
الأعراض والتشخيص
عادة ما يعاني المرضى المصابون بكسور هضبة الظنبوب من ألم شديد وعدم القدرة على تحمل الوزن على الساق المصابة. قد يكونون أيضاً غير قادرين على المشي أو تحريك الركبة بشكل طبيعي.
الأعراض
تشمل الأعراض الشائعة لكسور هضبة الظنبوب:
- ألم: ألم شديد في الركبة، يزداد سوءاً مع الحركة.
- تورم: تورم ملحوظ حول الركبة.
- عدم القدرة على تحمل الوزن: صعوبة أو عدم القدرة على وضع الوزن على الساق المصابة.
- تشوه: قد يكون هناك تشوه واضح في شكل الركبة.
- كدمات: ظهور كدمات حول الركبة.
- عدم استقرار: شعور بعدم الاستقرار في الركبة.
التصوير
يعتبر التصوير الشعاعي (الأشعة السينية) هو التقييم الأولي الموصى به لكسور هضبة الظنبوب. ومع ذلك، قد يحتاج المرضى إلى تصوير مقطعي محوسب (CT scan) لتخطيط الجراحة بشكل دقيق. قد يكون التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) مفيداً لتقييم إصابات الغضروف المفصلي والأربطة.
- الأشعة السينية: تستخدم لتحديد وجود الكسر ونمطه.
- التصوير المقطعي المحوسب (CT scan): يوفر صوراً تفصيلية للعظام ويساعد على تحديد مدى الكسر وتخطيط الجراحة.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يستخدم لتقييم الأنسجة الرخوة المحيطة بالركبة، مثل الأربطة والغضاريف.
العلاج
يعتمد علاج كسور هضبة الظنبوب على عدة عوامل، بما في ذلك نوع الكسر وشدته، وعمر المريض، ومستوى نشاطه، والحالات الطبية الأخرى الموجودة.
العلاج غير الجراحي
قد يشمل العلاج غير الجراحي التجبير أو التقويم لتثبيت الركبة والسماح للعظم بالشفاء. يعتبر العلاج غير الجراحي خياراً مناسباً للكسور المستقرة أو تلك التي لا يوجد فيها انزياح كبير في العظام. عادة ما يتضمن العلاج غير الجراحي:
- تثبيت الركبة: باستخدام جبيرة أو تقويم.
- عدم تحمل الوزن: تجنب وضع الوزن على الساق المصابة.
- العلاج الطبيعي: لتقوية العضلات المحيطة بالركبة وتحسين نطاق الحركة.
العلاج الجراحي
قد يكون العلاج الجراحي ضرورياً للكسور غير المستقرة أو تلك التي يوجد فيها انزياح كبير في العظام. يهدف العلاج الجراحي إلى إعادة العظام إلى وضعها الطبيعي وتثبيتها باستخدام صفائح ومسامير. تشمل خيارات العلاج الجراحي:
- التثبيت الداخلي: باستخدام صفائح ومسامير لتثبيت العظام المكسورة.
- تطعيم العظام: قد يكون ضرورياً لملء الفراغات في العظام المكسورة.
- إصلاح الأربطة: إذا كانت الأربطة متضررة، فقد يتم إصلاحها أثناء الجراحة.
بعد الجراحة، سيحتاج المرضى إلى الخضوع للعلاج الطبيعي لاستعادة قوة الركبة ونطاق حركتها. يجب على المرضى اتباع تعليمات الطبيب بعناية لضمان الشفاء المناسب.
المضاعفات المحتملة
على الرغم من أن معظم المرضى يتعافون بشكل جيد من كسور هضبة الظنبوب، إلا أن هناك بعض المضاعفات المحتملة التي يجب أن يكون المرضى على دراية بها. تشمل هذه المضاعفات:
- التهاب المفاصل: يمكن أن يؤدي كسر هضبة الظنبوب إلى تلف الغضروف المفصلي، مما يزيد من خطر الإصابة بالتهاب المفاصل في المستقبل.
- عدم التئام العظام: في بعض الحالات، قد لا تلتئم العظام بشكل صحيح، مما قد يتطلب جراحة إضافية.
- تصلب المفاصل: يمكن أن يؤدي التثبيت المطول للركبة إلى تصلب المفاصل.
- متلازمة المقصورة: حالة خطيرة تحدث عندما يزداد الضغط داخل المقصورة العضلية، مما قد يؤدي إلى تلف الأعصاب والأوعية الدموية.
- العدوى: كما هو الحال مع أي جراحة، هناك خطر الإصابة بالعدوى.
من المهم أن يناقش المرضى أي مخاوف لديهم مع طبيبهم. المتابعة المنتظمة مع الطبيب ضرورية لضمان الشفاء المناسب وتقليل خطر حدوث مضاعفات.