كسر العظم الزورقي: دليل شامل
مقدمة حول كسر العظم الزورقي
يعتبر كسر العظم الزورقي (Scaphoid fracture) من أكثر كسور عظام الرسغ شيوعًا، ويمثل تحديًا تشخيصيًا وعلاجيًا نظرًا لموقعه الفريد وإمداده الدموي الدقيق. يحدث هذا الكسر غالبًا نتيجة سقوط على يد ممدودة، خاصةً عندما يكون الرسغ في وضعية انثناء ظهري قوية (Dorsiflexion) مع دوران داخلي (Pronation) وانحراف زندي (Ulnar deviation). غالبًا ما يصيب هذا النوع من الكسور الشباب النشطين، خاصةً في العقد الثالث من العمر، أي في الفترة العمرية بين 20 و 30 عامًا، الذين يمارسون الرياضات أو الأنشطة التي تزيد من خطر السقوط. تكمن أهمية التشخيص الدقيق والعلاج الفوري في منع المضاعفات طويلة الأمد، مثل عدم الالتحام (Nonunion) وانهيار الرسغ المتقدم الناجم عن عدم التحام العظم الزورقي (SNAC wrist).
أسباب كسر العظم الزورقي وعوامل الخطر
الآلية الأساسية للإصابة
تحدث معظم كسور العظم الزورقي نتيجة قوة محورية تضغط على الرسغ في وضعية معينة. هذه الوضعية غالبًا ما تكون انثناء ظهريًا مفرطًا مع دوران الرسغ للداخل وانحرافه باتجاه الزند. هذا النوع من الإصابات شائع في الرياضات التي تتطلب احتكاكًا جسديًا، مثل كرة القدم الأمريكية والهوكي، حيث يكون اللاعبون عرضة للسقوط على أيديهم الممدودة.
عوامل الخطر التي تزيد من احتمالية الإصابة
- المشاركة في الرياضات عالية الخطورة: تزيد الرياضات التي تتضمن احتكاكًا جسديًا أو خطر السقوط من احتمالية الإصابة بكسر العظم الزورقي.
- العمر: يعتبر الشباب النشطون في العقد الثالث من العمر المجموعة الأكثر عرضة للإصابة.
- هشاشة العظام: على الرغم من أن كسر العظم الزورقي أقل شيوعًا في كبار السن، إلا أن هشاشة العظام يمكن أن تزيد من خطر الإصابة.
- حوادث السيارات: قد تؤدي حوادث السيارات إلى إصابات في الرسغ، بما في ذلك كسور العظم الزورقي.
الأمراض والحالات المرتبطة
قد يؤدي عدم علاج كسر العظم الزورقي بشكل صحيح إلى مضاعفات خطيرة، بما في ذلك:
- عدم الالتحام (Nonunion): يحدث عندما لا يلتئم الكسر بشكل صحيح، مما يؤدي إلى ألم مزمن وعدم استقرار في الرسغ.
- انهيار الرسغ المتقدم الناجم عن عدم التحام العظم الزورقي (SNAC wrist): حالة تسبب تدهورًا تدريجيًا في غضروف الرسغ، مما يؤدي إلى التهاب المفاصل المزمن والألم.
- نخر العظم اللاوعائي (Avascular Necrosis): يحدث عندما ينقطع إمداد الدم إلى جزء من العظم الزورقي، مما يؤدي إلى موت الخلايا العظمية.
التشخيص: كيف يتم التعرف على كسر العظم الزورقي؟
الفحص السريري: الخطوة الأولى
يبدأ التشخيص بفحص سريري شامل للرسغ. قد يشكو المريض من ألم في منطقة “السعفة التشريحية” (Anatomical snuffbox)، وهي منطقة منخفضة على الجانب الإبهامي من الرسغ. قد يكون هناك أيضًا ألم عند الضغط على العظم الزورقي أو عند تحريك الرسغ.
التصوير بالأشعة: الأداة الأساسية
تعتبر الأشعة السينية (X-rays) هي الطريقة الأولية لتشخيص كسر العظم الزورقي. ومع ذلك، قد لا تظهر الكسور الطفيفة أو الكسور الحديثة مباشرة على الأشعة السينية. في هذه الحالات، قد يوصي الطبيب بما يلي:
- إعادة التصوير بالأشعة السينية: بعد أسبوع أو أسبوعين، قد يصبح الكسر أكثر وضوحًا على الأشعة السينية.
- التصوير المقطعي المحوسب (CT scan): يوفر صورًا أكثر تفصيلاً للعظام، مما يساعد في تحديد الكسور الدقيقة أو المعقدة.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يعتبر التصوير بالرنين المغناطيسي هو الأكثر حساسية للكشف عن كسور العظم الزورقي، خاصةً الكسور الخفية أو كسور الإجهاد. كما يمكن أن يكشف عن مشاكل أخرى في الرسغ، مثل إصابات الأربطة.
أهمية التشخيص المبكر
التشخيص المبكر والدقيق لكسر العظم الزورقي أمر بالغ الأهمية لمنع المضاعفات طويلة الأمد. إذا كان هناك شك في وجود كسر، حتى لو لم تظهر الأشعة السينية شيئًا، فقد يوصي الطبيب بتثبيت الرسغ في جبيرة حتى يتم إجراء المزيد من الاختبارات.
العلاج: طرق التعامل مع كسر العظم الزورقي
يعتمد علاج كسر العظم الزورقي على عدة عوامل، بما في ذلك:
- موقع الكسر: الكسور في منتصف العظم الزورقي (الخصر) أكثر عرضة لعدم الالتحام من الكسور في الأطراف.
- مدى الإزاحة: الكسور التي تكون فيها العظام متباعدة بشكل كبير تتطلب عادةً جراحة.
- الإمداد الدموي: الكسور التي تؤثر على إمداد الدم إلى العظم الزورقي تزيد من خطر عدم الالتحام ونخر العظم اللاوعائي.
العلاج غير الجراحي: التثبيت بالجبيرة
بالنسبة للكسور غير المتباعدة والمستقرة، قد يكون التثبيت بالجبيرة كافيًا. عادةً ما يتم وضع جبيرة طويلة الذراع تشمل الإبهام لتثبيت الرسغ ومنع الحركة. قد يستغرق التئام الكسر عدة أسابيع أو أشهر، ويجب على المريض تجنب الأنشطة التي تزيد من الضغط على الرسغ.
العلاج الجراحي: التدخل لتثبيت العظم
قد يكون التدخل الجراحي ضروريًا للكسور المتباعدة أو غير المستقرة، أو إذا لم يلتئم الكسر بعد فترة من التثبيت بالجبيرة. تتضمن الخيارات الجراحية ما يلي:
- التثبيت الداخلي عن طريق الجلد (Percutaneous fixation): يتم إدخال مسمار أو برغي صغير عبر الجلد لتثبيت العظم الزورقي.
- التثبيت الداخلي المفتوح (Open reduction and internal fixation): يتضمن إجراء شق جراحي لتقويم العظام وتثبيتها باستخدام براغي أو صفائح.
- تطعيم العظام (Bone grafting): في بعض الحالات، قد يكون من الضروري إضافة قطعة من العظام (طعم عظمي) لتحفيز التئام الكسر.
إعادة التأهيل والعلاج الطبيعي
بعد إزالة الجبيرة أو بعد الجراحة، من المهم الخضوع لبرنامج إعادة تأهيل لتقوية العضلات واستعادة نطاق الحركة في الرسغ. قد يشمل ذلك تمارين الإطالة والتقوية، بالإضافة إلى العلاج اليدوي.
الوقاية: كيف يمكن تقليل خطر الإصابة؟
على الرغم من أنه لا يمكن منع جميع كسور العظم الزورقي، إلا أن هناك بعض التدابير التي يمكن اتخاذها لتقليل خطر الإصابة:
- ارتداء معدات واقية: عند ممارسة الرياضات عالية الخطورة، يجب ارتداء واقيات الرسغ لحماية العظام والمفاصل.
- تقوية العضلات: يمكن أن تساعد تقوية العضلات المحيطة بالرسغ في دعم المفصل وتقليل خطر الإصابة.
- تحسين التوازن: يمكن أن تساعد تمارين التوازن في منع السقوط، وهو سبب شائع لكسور العظم الزورقي.
- الحفاظ على صحة العظام: من خلال اتباع نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، يمكن الحفاظ على قوة العظام وتقليل خطر الكسور.