منظار المفصل: نافذة إلى عالم الجراحة طفيفة التوغل في طب العظام
تعتبر جراحة منظار المفصل من أبرز التطورات في مجال جراحة العظام طفيفة التوغل. إن الدقة العالية التي يوفرها هذا الإجراء، بالإضافة إلى الحد الأدنى من الضرر الذي يلحقه بالأنسجة المحيطة، شجع الأطباء والمرضى على حد سواء على تبني هذه التقنية كأداة فعالة للتشخيص وتقييم الحالة وتوفير العلاج المناسب. مع تزايد الإقبال على هذه التقنية، يصبح من الضروري على الجراحين الطموحين في هذا المجال فهم المبادئ الأساسية لمنظار المفصل، بما في ذلك تركيبه ومكوناته الأساسية. هذا الفهم العميق يساهم في تقليل منحنى التعلم واكتساب الخبرة اللازمة لإتقان هذه التقنية المتقدمة.
تاريخ موجز لمنظار المفصل
كلمة “Arthroscopy” مشتقة من الكلمات اليونانية “arthros” (مفصل) و “scopein” (ينظر). يمكن تتبع جذور هذه التقنية إلى عام 1912، عندما قدم الطبيب الدنماركي الدكتور سيفيرين نوردينتوفت تقنية لفحص داخل الركبة باستخدام منظار بقطر 5 ملم خلال المؤتمر الجراحي الألماني الحادي والأربعين في برلين. يعتبر الدكتور نوردينتوفت أول من استخدم مصطلح “Arthroscopy” ويُعتبر رائداً في هذا المجال.
ومع ذلك، يُنسب الفضل الأكبر في تطوير منظار المفصل إلى البروفيسور كينجي تاكاجي، الذي يُعرف بـ “أبو منظار المفصل”. في عام 1918، استخدم البروفيسور تاكاجي منظار المثانة لفحص عينات الركبة. في وقت لاحق، قام بتطوير منظار مفصل بقطر 7.3 ملم، وفي عام 1931، ابتكر منظار تاكاجي رقم 1 بقطر 3.5 ملم، والذي يعتبر بمثابة النموذج الأولي للمناظير الحديثة. كما استكشف البروفيسور تاكاجي استخدام محلول ملحي لملء تجويف المفصل لتحسين الرؤية.
في نفس الفترة الزمنية في الغرب، أجرى الطبيب السويسري يوجين بيرشر في عام 1921 عملية تنظير مفصل مماثلة باستخدام منظار البطن المشابه لمنظار نوردينتوفت. نشر الدكتور بيرشر أول مقال له عن تنظير الركبة، حيث استخدم تقنية نفخ غاز النيتروجين والأكسجين في تجويف المفصل قبل الجراحة المفتوحة لتشخيص حالة المفصل. يعتبر بيرشر أيضاً من الرواد الأوائل في مجال تنظير المفصل.
المكونات الأساسية لمنظار المفصل
يتكون نظام منظار المفصل من عدة مكونات أساسية تعمل معًا لتوفير رؤية واضحة ودقيقة داخل المفصل. تشمل هذه المكونات:
- منظار المفصل (العدسة): وهو الأداة الرئيسية التي يتم إدخالها في المفصل.
- الكاميرا: تقوم بالتقاط الصور من المنظار وتحويلها إلى إشارة فيديو.
- وحدة التحكم بالكاميرا: تعالج إشارة الفيديو وتعرضها على الشاشة.
- مصدر الضوء: يوفر الإضاءة اللازمة داخل المفصل.
- كابل الألياف الضوئية: ينقل الضوء من مصدر الضوء إلى المنظار.
- الشاشة: تعرض الصور ومقاطع الفيديو الملتقطة داخل المفصل.
- جهاز تخزين الصور: يسمح بتسجيل الصور ومقاطع الفيديو للرجوع إليها لاحقًا.
- نظام الشفط والكي (Shaver System): يستخدم لإزالة الأنسجة التالفة أو الزائدة داخل المفصل.
- نظام البلازما (Plasma System): يستخدم لتبخير الأنسجة الرخوة بدقة عالية.
- مجموعة الأدوات اليدوية: تتضمن أدوات مثل الملاقط والكماشات والمقصات الصغيرة المستخدمة لإجراء العمليات الجراحية داخل المفصل.
تركيب العدسة في منظار المفصل
تتكون عدسة منظار المفصل من عدة عناصر بصرية دقيقة تعمل معًا لتوفير صورة واضحة ومفصلة داخل المفصل. تشمل هذه العناصر:
- نظام العدسة الشيئية: يجمع الضوء من داخل المفصل ويركز الصورة.
- العدسات: تعمل على تكبير الصورة وتصحيح التشوهات البصرية.
- الألياف الضوئية: تنقل الضوء من مصدر الضوء إلى داخل المفصل.
- وصلة الألياف الضوئية: تربط الألياف الضوئية بمصدر الضوء.
- نظام العدسة العينية: يسمح للجراح برؤية الصورة المكبرة.
آلية العمل:
- يتم نقل الضوء عبر الألياف الضوئية إلى داخل تجويف المفصل.
- يقوم نظام العدسة الشيئية بجمع الصور وتعديل زواياها.
- تقوم مجموعة العدسات الأسطوانية بنقل الصورة مرة أخرى عبر واجهة العدسة العينية.
وصلة الألياف الضوئية:
تحتوي على مكونين يمكن توصيلهما بأي مصدر ضوئي.
النظام البصري:
- نظام العدسات الرقيقة التقليدي.
- نظام العدسات القضيبية المصمم من قبل هوبكنز.
- نظام عدسة مؤشر التدرج (GRIN).
يتكون منظار المفصل الليفي البصري بشكل عام من نظام عدسة قضيبية محاط بعدة ألياف زجاجية بصرية، ويتم إغلاق النظامين في غلاف معدني ثابت ومُعالج خصيصًا.
المناظير الحديثة:
تستخدم شركة Optec endoscopy Systems Gmbh مواد OPTEC من الجيل الجديد لمنح المناظير مرونة معينة وتقليل تكاليف الصيانة.
الخصائص البصرية لمنظار المفصل
تؤثر الخصائص البصرية للمنظار بشكل كبير على جودة الصورة وقدرة الجراح على رؤية التفاصيل داخل المفصل. من بين هذه الخصائص:
- القطر: يتراوح قطر مناظير المفصل من 1.7 إلى 7 ملم، والقطر الأكثر شيوعًا هو 4 ملم.
-
زاوية الميل: هي الزاوية بين محور المنظار والخط العمودي على سطح العدسة. تتراوح زوايا الميل من 0 إلى 120 درجة، والأكثر استخدامًا هي 25 و 30 درجة. تستخدم المناظير ذات الزوايا 70 و 90 درجة لمراقبة الزوايا المحيطة، ولكنها قد تكون صعبة التحديد.
- العدسة ذات الزاوية 0 درجة تعرض صورة دائرية نقية، بينما العدسات ذات الزوايا تعرض مثلثًا صغيرًا. يشير موضع المثلث عمومًا إلى اتجاه العدسة ذات الزاوية، ولكن يجب الانتباه إلى أن بعض العلامات التجارية تعكس ذلك، لذا يجب التحقق من ذلك قبل الجراحة.
- توجد حاليًا عدسات يمكن تعديل زواياها، ويمكن للجراحين تعديلها وفقًا لتفضيلاتهم ومتطلبات الجراحة.
-
مجال الرؤية: هو الزاوية التي تغطيها العدسة، وتختلف حسب نوع المنظار. أدى التحول من العدسات البلورية إلى العدسات الأسطوانية إلى مضاعفة زاوية الرؤية.
- العدسة ذات الزاوية 0 درجة لا يمكنها توسيع مجال الرؤية عن طريق الدوران، بينما يمكن للعدسات ذات الزوايا القيام بذلك. العدسة 1.9 ملم لديها مجال رؤية 65 درجة، والعدسة 2.7 ملم لديها مجال رؤية 90 درجة، والعدسة 4.0 ملم لديها مجال رؤية 115 درجة.
- تسهل الزاوية الأكبر على المراقب تحديد الموقع، ويمكن لتدوير منظار المفصل بزاوية أمامية (25 درجة و 30 درجة) زيادة نطاق المراقبة. يمكن لتدوير مناظير المفصل بزاوية 70 درجة و 90 درجة رؤية نطاق أكبر، لكنها قد تخلق منطقة عمياء مركزية أمامية (الجزء الأمامي من مجال الرؤية ليس في مجال الرؤية)، مما قد يؤدي إلى تلف.
هناك معلمتان مهمتان لمجال الرؤية:
- اتجاه مجال الرؤية (DOV، Direction of View).
- نطاق مجال الرؤية (FOV، Field of View).
قنية منظار المفصل:
يجب استخدام القنية مع عدسة من نفس العلامة التجارية، وهناك قنوات فردية وقنوات مزدوجة. القنوات المزدوجة شائعة، حيث يدخل الماء من جانب ويخرج من الجانب الآخر؛ إذا تم اختيار قنية قناة واحدة، فيجب إنشاء قناة مدخل مياه أو قناة مخرج مياه إضافية.
عندما يكون هناك الكثير من الأنسجة الحرة في تجويف المفصل، يمكن أيضًا استخدام القنية كأنبوب تصريف.
السداد:
له أسماء عديدة، مثل الرأس الحاد، والمخروط المثقوب، وما إلى ذلك، ويستخدم مع قنية من نفس العلامة التجارية. يوصى عمومًا باختيار النوع المخروطي الأوسط، والذي لا يسهل اختراقه فحسب، بل لا يضر بالأنسجة بسهولة.
نظام الإضاءة في منظار المفصل
يعتمد نظام الإضاءة في منظار المفصل على مصدر ضوء بارد وكابل ضوئي وألياف بصرية داخل العدسة. في البداية، كان مصدر الضوء يتكون من مصباح ساطع بقوة 150 واط لتوفير رؤية مباشرة عبر منظار المفصل. مع إدخال نظام التصوير التلفزيوني إلى منظار المفصل، أصبحت مصابيح التنغستن والهالوجين والزينون بقوة 300-350 واط ضرورية. حاليًا، تُستخدم مصادر إضاءة LED بشكل شائع.
يتكون الكابل الضوئي من حزمة من الألياف الزجاجية المتخصصة المحاطة بغلاف واقٍ. يتم توصيل أحد طرفي الكابل بمصدر الضوء الموجود بعيدًا عن منطقة الجراحة، وعادةً ما يكون له مخرج عالي أو منخفض الشدة. يتم توصيل الطرف الآخر بمنظار المفصل، مع وجود خيوط من الألياف الضوئية ملفوفة حوله. الألياف الزجاجية هشة للغاية، ويجب التعامل مع الكابل الضوئي بعناية.
يؤثر طول الكابل الضوئي على نقل الضوء، حيث يقلل كل قدم من طول الكابل من نقل الضوء بنسبة 8٪. تعمل الأنظمة المصممة حديثًا على زيادة قدرة توجيه الضوء، وتتغلب أدلة الضوء السائل (الجلسرين) على مشاكل تمزق الكابلات الليفية.
كاميرا الفيديو
قدم McGinty و Johnson كاميرا الفيديو إلى منظار المفصل. تشمل مزايا تصوير الفيديو موضع تشغيل الجراح.