خلع عظام الرسغ: التشخيص والعلاج
فهم إصابات الرسغ: مقدمة
إصابات الرسغ شائعة نسبيًا، وتتراوح بين الالتواءات البسيطة والكسور المعقدة. من بين هذه الإصابات، يبرز خلع عظام الرسغ كإصابة خطيرة تتطلب تشخيصًا سريعًا وعلاجًا فعالًا. فهم طبيعة هذه الإصابة، وكيفية التعرف عليها من خلال الفحص الإشعاعي، وإدارة الحالة بشكل صحيح في قسم الطوارئ، أمور حيوية لضمان أفضل النتائج للمرضى. يعتمد التشخيص الدقيق على تحليل دقيق للصور الشعاعية وفهم معمق لتشريح الرسغ وعلاقات العظام ببعضها البعض.
التشخيص الإشعاعي لخلع عظام الرسغ
تحليل صورة الأشعة السينية الجانبية
صورة الأشعة السينية الجانبية للرسغ الأيسر قد تكشف عن خلع قمري راحي (Volar Lunate Dislocation)، حيث ينزاح العظم القمري (Lunate) باتجاه راحة اليد (Volar) بينما يبقى العظم الرأسي (Capitate) متصلاً بعظم الكعبرة (Radius). لتقييم الإصابة بشكل كامل، يجب إجراء صورة أشعة سينية أمامية خلفية (PA) للرسغ للبحث عن أي اختلال في محاذاة عظام الرسغ أو محور الكعبرة الرسغية. قد يُلاحظ أيضًا انقطاع في خطوط جيلولا (Gilula’s Lines)، وقد يظهر العظم القمري على شكل “إسفين” أو “شريحة فطيرة” متداخلًا مع العظم الرأسي. يجب فحص الصور الشعاعية أيضًا بحثًا عن أي دليل على كسور أو اتساع بين عظام الرسغ.
أهمية خطوط جيلولا في تقييم الرسغ
خطوط جيلولا هي ثلاثة خطوط وهمية تستخدم لتقييم محاذاة عظام الرسغ في صورة الأشعة السينية الأمامية الخلفية. الخط الأول يتبع منحنى أملس يحدد الأسطح المحدبة القريبة للعظم الزورقي (Scaphoid) والعظم القمري والعظم المثلثي (Triquetrum). الخط الثاني يرسم الأسطح المقعرة البعيدة لنفس العظام. أما الخط الثالث فيتبع الانحناءات القريبة للعظم الرأسي والعظم الكلابي (Hamate). أي انقطاع أو عدم انتظام في هذه الخطوط يشير إلى احتمال وجود إصابة في الرسغ، مثل الخلع أو الكسر.
تدبير خلع عظام الرسغ في قسم الطوارئ
إدارة خلع عظام الرسغ في قسم الطوارئ تتطلب نهجًا منظمًا يشمل:
- تقييم الألم: يجب تقييم مستوى الألم لدى المريض وتسكينه باستخدام مسكنات الألم المناسبة.
- الفحص العصبي الوعائي: من الضروري إجراء فحص عصبي وعائي دقيق لتقييم سلامة الأعصاب والأوعية الدموية في الطرف المصاب. يجب فحص الإحساس والحركة في الأصابع، بالإضافة إلى نبض الشرايين الكعبرية والزندية.
- إعادة التثبيت: الهدف الرئيسي هو إعادة العظم القمري إلى مكانه الطبيعي في أقرب وقت ممكن. قد يتم ذلك عن طريق التلاعب اليدوي المغلق (Closed Reduction) تحت التخدير. تتطلب هذه العملية خبرة ومهارة لتجنب المزيد من الإصابات.
- التثبيت: بعد إعادة التثبيت، يجب تثبيت الرسغ باستخدام جبيرة أو قالب لمنع تكرار الخلع.
- التصوير المتقدم: في بعض الحالات، قد يكون التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) ضروريًا لتقييم الأربطة والأنسجة الرخوة المحيطة بالرسغ، وللكشف عن أي إصابات مصاحبة.
- الإحالة إلى أخصائي: يجب إحالة المريض إلى جراح عظام متخصص في إصابات اليد والرسغ لتقييم الحاجة إلى التدخل الجراحي.
العلاج الجراحي لخلع عظام الرسغ
في كثير من الحالات، يتطلب خلع عظام الرسغ تدخلاً جراحيًا لإعادة بناء الأربطة المتضررة وتثبيت العظام بشكل صحيح. قد تشمل الخيارات الجراحية:
- إصلاح الأربطة: يتم إصلاح الأربطة الممزقة باستخدام الغرز الجراحية أو الطعوم.
- تثبيت العظام: يتم تثبيت العظام باستخدام الأسلاك أو البراغي أو الصفائح.
- دمج العظام: في بعض الحالات، قد يكون من الضروري دمج بعض عظام الرسغ معًا لتوفير الاستقرار.
إعادة التأهيل بعد العلاج
بعد العلاج، سواء كان جراحيًا أو غير جراحي، تلعب إعادة التأهيل دورًا حيويًا في استعادة وظيفة الرسغ. قد يشمل برنامج إعادة التأهيل:
- تمارين الحركة: تمارين لزيادة نطاق حركة الرسغ والأصابع.
- تمارين التقوية: تمارين لتقوية العضلات المحيطة بالرسغ.
- العلاج المهني: تقييم وتعديل الأنشطة اليومية لتقليل الضغط على الرسغ.
- إدارة الألم: تقنيات للسيطرة على الألم، مثل الكمادات الباردة أو الساخنة.
المضاعفات المحتملة
على الرغم من العلاج المناسب، قد تحدث بعض المضاعفات بعد خلع عظام الرسغ، بما في ذلك:
- تصلب الرسغ: فقدان نطاق الحركة في الرسغ.
- الألم المزمن: ألم مستمر في الرسغ.
- التهاب المفاصل: تدهور الغضروف في مفاصل الرسغ.
- موت العظام اللاوعائي: فقدان إمدادات الدم إلى العظام، مما يؤدي إلى موتها. [ملاحظة: هذه المضاعفة أكثر شيوعًا في حالة تأخر العلاج]
الخلاصة
خلع عظام الرسغ هو إصابة خطيرة تتطلب تشخيصًا سريعًا وعلاجًا فعالًا. الفهم العميق للتشريح الإشعاعي للرسغ، والإدارة المناسبة في قسم الطوارئ، وإعادة التأهيل الشاملة، كلها عناصر أساسية لضمان أفضل النتائج للمرضى. من خلال اتباع نهج منظم ومتكامل، يمكن للأطباء المساعدة في تقليل المضاعفات وتحسين نوعية حياة المرضى الذين يعانون من هذه الإصابة.