تدبير كسور العضد القريبة: دليل شامل
تعتبر كسور العضد القريبة من الإصابات الشائعة، خاصة بين كبار السن، وتمثل تحديًا علاجيًا نظرًا لتعقيد التشريح المحيط وتأثيرها المحتمل على وظيفة الكتف. فهم طبيعة هذه الكسور، وتقييم عوامل الخطر المرتبطة بها، واعتماد استراتيجيات علاجية مناسبة، كلها أمور ضرورية لتحقيق أفضل النتائج للمرضى.
وبائيات كسور العضد القريبة وتشريح المنطقة
تمثل كسور العضد القريبة ما يقرب من 4% إلى 5% من جميع الكسور، ويقدر معدل حدوثها بحوالي 300,000 حالة سنويًا، وهو رقم يفوق حالات كسر الورك. الغالبية العظمى (85%) من هذه الكسور تكون غير مُنْزَاحة، ولكن حتى هذه الكسور غير المنزاحة يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات إذا لم يتم علاجها بشكل صحيح.
تزداد نسبة حدوث هذه الكسور مع التقدم في العمر، ويرجع ذلك أساسًا إلى هشاشة العظام. يُعتبر كسر العضد القريب لدى كبار السن بعد سقوط بسيط بمثابة كسر هشاشة. بالإضافة إلى ذلك، فإن نسبة الإصابة بين الإناث إلى الذكور هي 2:1، ويرتبط هذا أيضًا بهشاشة العظام الأكثر شيوعًا بين النساء.
يتميز مفصل الكتف بأكبر مدى حركة بين جميع مفاصل الجسم، ويعزى ذلك إلى التجويف الحقاني الضحل الذي يشكل 25% فقط من حجم رأس العضد. الاستقرار الرئيسي للمفصل لا يعتمد على العظام بقدر ما يعتمد على الأنسجة الرخوة المحيطة، والتي تتكون من العضلات والمحفظة والأربطة.
يميل العضد القريب إلى الخلف بزاوية تتراوح بين 35 و 40 درجة بالنسبة للمحور فوق اللقمي. تقليديًا، يتم تقسيم العضد القريب إلى أربعة أجزاء عظمية (حسب تصنيف نير): رأس العضد، الحديبة الصغرى، الحديبة الكبرى، وجذع العضد. فهم هذه الأجزاء أمر بالغ الأهمية لتحديد نوع الكسر وتحديد خطة العلاج المناسبة.
العوامل المؤثرة على تشخيص كسور العضد القريبة وإمداد الدم
تتأثر نتائج علاج كسور العضد القريبة بعدة عوامل، بما في ذلك:
- شدة الكسر: الكسور المنزاحة أو المجزأة بشدة غالبًا ما تتطلب تدخلًا جراحيًا.
- عمر المريض: كبار السن أكثر عرضة للمضاعفات بسبب هشاشة العظام وضعف القدرة على الشفاء.
- الصحة العامة: الأمراض المزمنة مثل مرض السكري وأمراض القلب يمكن أن تؤثر على عملية الشفاء.
- التزام المريض بالعلاج الطبيعي: إعادة التأهيل المناسبة ضرورية لاستعادة وظيفة الكتف.
- نوع الكسر: تحدد طبيعة الكسر (على سبيل المثال، كسر في الرقبة الجراحية، كسر في الحديبة) مسار العلاج والتوقعات.
يعد الإمداد الدموي لرأس العضد أمرًا بالغ الأهمية لضمان التئام الكسر ومنع التنخر اللاوعائي. يعتمد رأس العضد بشكل أساسي على الشرايين المنعطفة العضدية الأمامية والخلفية، والتي تنشأ من الشريان الإبطي. قد يؤدي تلف هذه الأوعية الدموية أثناء الإصابة أو الجراحة إلى نقص تروية رأس العضد ومضاعفات خطيرة. لذلك، يجب على الجراحين توخي الحذر الشديد لحماية هذه الأوعية أثناء التدخلات الجراحية.
القوى العضلية المشوهة وتأثيرها على العضد القريب
تؤثر العديد من القوى العضلية على العضد القريب، مما قد يؤدي إلى انزياح شظايا الكسر. وتشمل هذه القوى:
- العضلة فوق الشوكة والمدورات الخارجية: تعمل على إزاحة الحديبة الكبرى إلى الأعلى والخلف.
- العضلة تحت الكتف: تعمل على إزاحة الحديبة الصغرى إلى الداخل.
- العضلة الصدرية الكبيرة: تعمل على إزاحة جذع العضد إلى الداخل.
- العضلة الدالية: تعمل على تبعيد الجزء القريب من العضد.
يعتمد انزياح شظايا الكسر على قوة العضلات المحيطة بالكفة المدورة والعضلة الصدرية الكبيرة. فهم هذه القوى العضلية أمر ضروري لوضع خطة علاجية تهدف إلى إعادة محاذاة شظايا الكسر واستعادة وظيفة الكتف الطبيعية.
تدبير كسر العضد القريب المنزاح المصحوب بتشوه فارسي: خيارات العلاج ومزاياها وعيوبها
يعتمد تدبير كسر العضد القريب المنزاح المصحوب بتشوه فارسي على عدة عوامل، بما في ذلك عمر المريض ومستوى نشاطه والصحة العامة ونوع الكسر ودرجة الانزياح. تشمل خيارات العلاج:
-
العلاج التحفظي (غير الجراحي):
- المزايا: تجنب مخاطر الجراحة، مثل العدوى وتلف الأعصاب والأوعية الدموية.
- العيوب: قد لا يحقق نتائج مرضية في الكسور المنزاحة بشدة، وقد يؤدي إلى عدم التئام الكسر أو التئامه في وضع غير صحيح، مما يؤثر على وظيفة الكتف.
- يشمل: استخدام حمالة للذراع لتقييد الحركة وتخفيف الألم، وتناول الأدوية المسكنة، والخضوع للعلاج الطبيعي لاستعادة نطاق الحركة والقوة بعد التئام الكسر جزئيًا.
-
التثبيت الجراحي:
- المزايا: يسمح بإعادة محاذاة شظايا الكسر وتثبيتها، مما يعزز التئام الكسر بشكل صحيح واستعادة وظيفة الكتف.
- العيوب: يحمل مخاطر الجراحة، مثل العدوى وتلف الأعصاب والأوعية الدموية، وقد يتطلب فترة تعافي أطول.
- يشمل:
- التثبيت الداخلي باستخدام صفائح وبراغي: يعتبر خيارًا شائعًا للكسور ذات الجزأين أو الثلاثة أجزاء.
- تثبيت الكسر بنخاع العظم: قد يكون مناسبًا لبعض أنواع الكسور.
- استبدال مفصل الكتف: قد يكون الخيار الأفضل للكسور المعقدة أو الكسور التي يعاني فيها رأس العضد من تلف شديد.
عند اتخاذ قرار بشأن أفضل خيار علاجي، من الضروري إجراء تقييم شامل للمريض ومناقشة جميع الخيارات المتاحة مع المريض، مع مراعاة مزايا وعيوب كل خيار. يجب أن يهدف العلاج إلى تخفيف الألم واستعادة وظيفة الكتف وتحسين نوعية حياة المريض.
الخلاصة:
تتطلب كسور العضد القريبة نهجًا شاملاً يراعي خصائص الكسر وحالة المريض. سواء تم اختيار العلاج التحفظي أو الجراحي، فإن المتابعة الدقيقة وإعادة التأهيل المناسبة ضروريان لتحقيق أفضل النتائج.