كسر العظم الزورقي: نظرة شاملة
مقدمة حول كسر العظم الزورقي
كسر العظم الزورقي هو أكثر أنواع كسور عظام الرسغ شيوعًا. يحدث هذا الكسر عادةً نتيجة إصابة مباشرة للرسغ، غالبًا عند السقوط على يد ممدودة. يلعب العظم الزورقي دورًا حيويًا في حركة الرسغ وثباته، لذا فإن أي كسر فيه يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة إذا لم يتم علاجه بشكل صحيح. غالبًا ما يحدث الكسر نتيجة فرط بسط الرسغ مع حركتي الكب والاستدارة الزندية.
الأهمية تكمن في أن العظم الزورقي يتلقى تروية دموية محدودة، خاصة الجزء القريب منه (الطرف القريب). هذا الأمر يجعل التئام الكسر أكثر صعوبة، ويزيد من خطر عدم الالتئام (عدم الالتحام) أو النخر العظمي اللاوعائي (AVN) حيث يموت جزء من العظم بسبب نقص التروية الدموية.
وبائيات كسر العظم الزورقي
الانتشار والتوزيع الديموغرافي
تشير الإحصائيات إلى أن كسر العظم الزورقي يمثل حوالي 15% من جميع إصابات الرسغ الحادة و 60% من جميع كسور عظام الرسغ. هذه الأرقام تجعله من بين الإصابات الأكثر شيوعًا التي يواجهها أخصائيو جراحة اليد والعظام.
- الرجال أكثر عرضة للإصابة من النساء بنسبة 2:1 تقريبًا. يعزى ذلك غالبًا إلى مشاركة الرجال بشكل أكبر في الأنشطة الرياضية والمهنية التي تزيد من خطر الإصابة.
- الفئة العمرية الأكثر شيوعًا هي العقد الثالث من العمر (20-30 سنة). هذه الفئة العمرية غالبًا ما تكون نشطة بدنيًا وتشارك في الأنشطة التي تزيد من خطر السقوط أو الإصابات الرياضية.
- الموقع الأكثر شيوعًا للكسر هو عنق العظم الزورقي (الخصر)، ويمثل حوالي 65% من جميع الكسور. أما الثلث القريب من العظم فيمثل 25%، والثلث البعيد 10% من الحالات.
أسباب كسر العظم الزورقي
السبب الرئيسي لكسر العظم الزورقي هو تحميل محوري على الرسغ في حالة فرط بسط الرسغ مع الكب والانحراف الزندي. غالبًا ما يحدث هذا النوع من الإصابات في الحالات التالية:
- السقوط على يد ممدودة: هذه هي الآلية الأكثر شيوعًا للإصابة.
- الإصابات الرياضية: الرياضات التي تتطلب استخدام اليدين بشكل مكثف، مثل كرة القدم الأمريكية والهوكي والتزلج، تزيد من خطر الإصابة.
- حوادث السيارات: يمكن أن تؤدي حوادث السيارات إلى إصابات الرسغ، بما في ذلك كسور العظم الزورقي.
- الإصابات المهنية: بعض المهن التي تتطلب حركات متكررة أو تحميلًا ثقيلاً على الرسغ تزيد من خطر الإصابة.
المضاعفات المحتملة لكسر العظم الزورقي
أحد أخطر المضاعفات التي يمكن أن تنجم عن كسر العظم الزورقي هو عدم الالتئام (عدم الالتحام). يحدث هذا عندما لا يلتئم الكسر بشكل صحيح، مما يؤدي إلى ألم مزمن وعدم استقرار في الرسغ.
- النخر العظمي اللاوعائي (AVN): كما ذكرنا، التروية الدموية للعظم الزورقي محدودة، وإذا انقطع تدفق الدم إلى الجزء القريب من العظم، فقد يموت.
- انهيار الرسغ المتقدم غير الملتئم (SNAC): هذه حالة خطيرة تحدث نتيجة لعدم التئام الكسر وتؤدي إلى تدهور تدريجي في مفاصل الرسغ، مما يسبب ألمًا شديدًا وفقدانًا للوظيفة.
- التهاب المفاصل: يمكن أن يؤدي عدم التئام الكسر إلى التهاب المفاصل المزمن في الرسغ.
تشخيص كسر العظم الزورقي
الفحص السريري
يبدأ التشخيص عادةً بفحص سريري دقيق. قد يشكو المريض من ألم في الرسغ، خاصة عند لمس منطقة “العلبة التشريحية” (Anatomical Snuffbox)، وهي المنطقة الموجودة على الجانب الإبهامي من الرسغ. قد يكون هناك أيضًا ألم عند تحريك الرسغ أو محاولة الإمساك بالأشياء.
التصوير الشعاعي
- الأشعة السينية: هي الفحص الأولي المستخدم لتشخيص كسر العظم الزورقي. ومع ذلك، قد لا تظهر الكسور الدقيقة أو التي لم تنزح بشكل كامل على الأشعة السينية في البداية.
- التصوير المقطعي المحوسب (CT): يمكن أن يوفر صورًا أكثر تفصيلاً للعظم الزورقي ويساعد في تحديد الكسور التي قد لا تظهر على الأشعة السينية.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): هو الأكثر حساسية للكشف عن كسور العظم الزورقي، خاصة الكسور الخفية أو التي لم تنزح. يمكن أن يساعد أيضًا في تحديد ما إذا كان هناك أي تلف في الأربطة أو الأنسجة الرخوة المحيطة.
علاج كسر العظم الزورقي
يعتمد علاج كسر العظم الزورقي على عدة عوامل، بما في ذلك شدة الكسر وموقعه وعمر المريض ومستوى نشاطه.
العلاج غير الجراحي
- التجبير: يستخدم التجبير لتثبيت الرسغ ومنع الحركة، مما يسمح للعظم بالشفاء. قد يستغرق التجبير عدة أسابيع أو أشهر، حسب شدة الكسر.
- الأدوية: يمكن استخدام الأدوية لتخفيف الألم والالتهاب.
العلاج الجراحي
يوصى بالجراحة في الحالات التالية:
- الكسور المنزاحة: عندما يكون العظم مكسورًا وتحركت الأجزاء المكسورة من مكانها.
- عدم التئام الكسر: عندما لا يلتئم الكسر بعد فترة طويلة من التجبير.
- النخر العظمي اللاوعائي (AVN): عندما يموت جزء من العظم بسبب نقص التروية الدموية.
تشمل الخيارات الجراحية:
- التثبيت الداخلي: يتضمن استخدام البراغي أو الصفائح لتثبيت العظم المكسور في مكانه.
- ترقيع العظام: في الحالات التي يكون فيها هناك نقص في العظام أو ضعف في التئام العظم، يمكن استخدام ترقيع العظام لتحفيز النمو العظمي.
- جراحة الأوعية الدموية الدقيقة: في حالات النخر العظمي اللاوعائي، يمكن إجراء جراحة الأوعية الدموية الدقيقة لتحسين تدفق الدم إلى العظم.
إعادة التأهيل
بعد العلاج، سواء كان جراحيًا أو غير جراحي، من المهم الخضوع لبرنامج إعادة تأهيل للمساعدة في استعادة قوة ووظيفة الرسغ. قد يشمل ذلك:
- تمارين لزيادة نطاق الحركة.
- تمارين لتقوية العضلات.
- تمارين لتحسين التنسيق.
- العلاج المهني للمساعدة في استعادة القدرة على القيام بالأنشطة اليومية.
نصائح إضافية:
- التشخيص المبكر والعلاج المناسب هما مفتاح التعافي الناجح من كسر العظم الزورقي.
- اتباع تعليمات الطبيب المعالج والتزام ببرنامج إعادة التأهيل ضروريان لتحقيق أفضل النتائج.
- تجنب الأنشطة التي تزيد من خطر الإصابة بالرسغ يمكن أن يساعد في منع حدوث كسور العظم الزورقي.
- استخدام واقيات الرسغ أثناء ممارسة الرياضة يمكن أن يوفر حماية إضافية.
في الختام، كسر العظم الزورقي هو إصابة شائعة يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة إذا لم يتم علاجها بشكل صحيح. التشخيص المبكر والعلاج المناسب وإعادة التأهيل الدقيق هي مفاتيح التعافي الناجح واستعادة وظيفة الرسغ.