تثبيت كسور المفصل الجزئية: تقنية استخدام الصفائح
تعتبر الكسور التي تصيب المفاصل تحديًا كبيرًا في جراحة العظام، خاصةً عندما تكون هذه الكسور جزئية وتؤثر على سلامة سطح المفصل. إصلاح هذه الكسور ضروري لاستعادة وظيفة الطرف المصاب ومنع المضاعفات طويلة الأمد مثل التهاب المفاصل التنكسي. في هذا المقال، سنتناول مبادئ تثبيت كسور المفصل الجزئية باستخدام الصفائح، مع التركيز على التخطيط الجراحي، والتقنيات المستخدمة، وأهمية استعادة التشريح الطبيعي للمفصل.
تشخيص وتقييم كسور المفصل الجزئية
قبل الشروع في أي إجراء جراحي، من الضروري إجراء تقييم شامل للكسر. يشمل ذلك الفحص السريري الدقيق، والتصوير بالأشعة السينية، والتصوير المقطعي المحوسب (CT). الفحص السريري يساعد في تحديد مدى التورم والألم والتشوه في المنطقة المصابة. أما الأشعة السينية، فهي توفر صورة أولية للكسر وتساعد في تحديد نوعه وموقعه. ولكن، للحصول على صورة أكثر تفصيلاً، يعتبر التصوير المقطعي المحوسب (CT) ضروريًا، حيث يتيح رؤية ثلاثية الأبعاد للكسر، وتحديد مدى تفتت العظام، ووجود أي شظايا داخل المفصل.
مثال توضيحي: كسر الكاحل الجزئي
لنفترض أن مريضًا تعرض لحادث سيارة وأصيب بكسر في الكاحل الأيمن. الفحص السريري أظهر تورمًا وألمًا شديدين. كشفت الأشعة السينية عن كسر في الجزء الخلفي من الظنبوب السفلي مع انخلاع جزئي في المفصل. التصوير المقطعي المحوسب (CT) أظهر كسرًا في السطح المفصلي الخلفي للظنبوب مع انحشار بعض الشظايا داخل المفصل. هذا التشخيص الدقيق ضروري لتحديد الخطة الجراحية المناسبة.
مبادئ تثبيت كسور المفصل الجزئية بالصفائح
الهدف الرئيسي من تثبيت كسور المفصل الجزئية هو استعادة التشريح الطبيعي للمفصل، وتثبيت الكسر بشكل يتيح الحركة المبكرة، ويقلل من خطر حدوث مضاعفات. لتحقيق هذا الهدف، يجب اتباع عدة مبادئ أساسية:
- إعادة بناء السطح المفصلي: يجب إعادة تجميع الشظايا العظمية وتثبيتها بدقة لاستعادة السطح المفصلي الأملس. هذا يقلل من الاحتكاك داخل المفصل ويمنع تدهور الغضروف.
- تثبيت قوي: يجب تثبيت الكسر باستخدام صفائح وبراغي قوية بما يكفي لتحمل القوى الميكانيكية التي يتعرض لها المفصل أثناء الحركة. هذا يسمح بالبدء المبكر في العلاج الطبيعي ويقلل من خطر فشل التثبيت.
- الحفاظ على الدورة الدموية: يجب تجنب تجريد العظام من الأنسجة الرخوة المحيطة بها قدر الإمكان للحفاظ على الدورة الدموية إلى موقع الكسر. هذا يعزز التئام العظام ويقلل من خطر حدوث نخر العظام.
- تقليل التدخل الجراحي: يجب اختيار التقنية الجراحية التي تحقق التثبيت المطلوب بأقل قدر ممكن من التدخل الجراحي. هذا يقلل من خطر حدوث مضاعفات مثل العدوى وتلف الأعصاب والأوعية الدموية.
التقنيات الجراحية المستخدمة في تثبيت كسور المفصل الجزئية
تعتمد التقنية الجراحية المستخدمة على نوع الكسر وموقعه ومدى تفتته. هناك عدة خيارات متاحة، بما في ذلك:
- التثبيت الداخلي المفتوح (ORIF): تتضمن هذه التقنية إجراء شق جراحي للوصول إلى الكسر، وإعادة تجميع الشظايا العظمية، وتثبيتها باستخدام صفائح وبراغي. غالبًا ما تستخدم هذه التقنية للكسور المعقدة التي تتطلب رؤية مباشرة للكسر.
- التثبيت بمساعدة التنظير المفصلي: في بعض الحالات، يمكن استخدام التنظير المفصلي للمساعدة في تقليل حجم الشق الجراحي وتحسين دقة إعادة بناء السطح المفصلي. يتم إدخال كاميرا صغيرة وأدوات جراحية من خلال شقوق صغيرة لمراقبة الكسر وإجراء التثبيت.
- استخدام البراغي الضاغطة: يمكن استخدام البراغي الضاغطة لتثبيت الشظايا العظمية الصغيرة أو لتثبيت الكسور غير المفتتة. تعمل هذه البراغي على ضغط الشظايا العظمية معًا، مما يعزز التئام العظام.
اختيار الصفائح المناسبة
يعتمد اختيار الصفيحة المناسبة على عدة عوامل، بما في ذلك موقع الكسر، ومدى تفتته، وجودة العظام. هناك العديد من أنواع الصفائح المتاحة، بما في ذلك:
- الصفائح التشريحية: تم تصميم هذه الصفائح لتتناسب مع الشكل الطبيعي للعظم. هذا يسهل وضع الصفيحة ويقلل من خطر حدوث تهيج للأنسجة الرخوة.
- الصفائح القابلة للتعديل: يمكن ثني هذه الصفائح لتتناسب مع شكل العظم. هذا يسمح للجراح بتخصيص التثبيت ليناسب احتياجات المريض الفردية.
- الصفائح ذات الزاوية الثابتة: تسمح هذه الصفائح بتثبيت البراغي بزاوية محددة. هذا يوفر تثبيتًا أكثر قوة ويقلل من خطر فشل التثبيت.
مثال: في حالة كسر الظنبوب السفلي الجزئي، قد يستخدم الجراح صفيحة تشريحية خلفية لتثبيت الجزء الخلفي من العظم، بالإضافة إلى براغي ضاغطة لتثبيت أي شظايا صغيرة.
إعادة التأهيل بعد الجراحة
العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل جزء لا يتجزأ من عملية التعافي بعد تثبيت كسور المفصل الجزئية. يبدأ العلاج الطبيعي عادةً بعد بضعة أيام من الجراحة، ويركز على استعادة نطاق الحركة والقوة والتنسيق في المفصل المصاب.
- تمارين نطاق الحركة: تساعد هذه التمارين على منع التيبس وتحسين حركة المفصل.
- تمارين التقوية: تساعد هذه التمارين على تقوية العضلات المحيطة بالمفصل، مما يوفر الدعم والاستقرار.
- تمارين التوازن والتنسيق: تساعد هذه التمارين على تحسين التوازن والتنسيق، مما يقلل من خطر السقوط والإصابة مرة أخرى.
نصيحة: يجب على المرضى اتباع تعليمات الطبيب المعالج وأخصائي العلاج الطبيعي بعناية لضمان التعافي الأمثل. قد يشمل ذلك استخدام العكازات أو المشاية في البداية، وتجنب الأنشطة التي تضع الكثير من الضغط على المفصل المصاب.
المضاعفات المحتملة
على الرغم من أن تثبيت كسور المفصل الجزئية بالصفائح يعتبر إجراءً آمنًا وفعالًا، إلا أن هناك بعض المضاعفات المحتملة التي يجب أن يكون المرضى على علم بها، بما في ذلك:
- العدوى: يمكن أن تحدث العدوى في موقع الجراحة، وتتطلب علاجًا بالمضادات الحيوية أو حتى جراحة إضافية.
- فشل التثبيت: يمكن أن تفشل الصفائح أو البراغي في التثبيت، مما يتطلب جراحة إضافية.
- تأخر التئام العظام: قد يستغرق التئام العظام وقتًا أطول من المتوقع، خاصةً في المرضى الذين يعانون من حالات طبية أخرى مثل مرض السكري أو التدخين.
- التهاب المفاصل التنكسي: يمكن أن يؤدي تلف الغضروف المفصلي أثناء الإصابة أو الجراحة إلى التهاب المفاصل التنكسي في وقت لاحق من الحياة.
دراسة حديثة: أشارت دراسة نشرت في مجلة “جراحة العظام والكسور” إلى أن استخدام الصفائح التشريحية ذات الزاوية الثابتة في تثبيت كسور الظنبوب السفلي الجزئية أدى إلى تحسين النتائج الوظيفية وتقليل معدل المضاعفات مقارنة بالصفائح التقليدية.
في الختام، تثبيت كسور المفصل الجزئية بالصفائح هو إجراء معقد يتطلب تخطيطًا دقيقًا وتنفيذًا ماهرًا. من خلال اتباع المبادئ الأساسية للتثبيت، واختيار التقنية الجراحية المناسبة، وتوفير الرعاية اللاحقة المناسبة، يمكن تحقيق نتائج ممتازة واستعادة وظيفة المفصل المصاب.