خلع الركبة الأمامي: التشخيص الأولي والتدبير العلاجي العاجل
التشخيص الأولي وتقييم المخاطر المصاحبة
عند مواجهة صور شعاعية (أشعة سينية) للركبة تظهر خلعًا أماميًا، سواء كانت صورًا أمامية خلفية (AP) أو جانبية، فإن أول ما يجب التركيز عليه هو تحديد ما إذا كانت الإصابة ناتجة عن صدمة عالية الطاقة. هذا التقييم الأولي ضروري لتحديد الأولويات في العلاج، حيث أن هذه الإصابات غالبًا ما تكون مصحوبة بإصابات أخرى خطيرة قد تهدد الحياة أو الأطراف.
يجب أن يشمل التقييم الأولي فحصًا شاملًا للمريض وفقًا لإرشادات ATLS (Advanced Trauma Life Support) لضمان تحديد جميع الإصابات الخطيرة وترتيبها حسب الأولوية. بالإضافة إلى ذلك، يجب تقييم الحالة العصبية الوعائية للطرف المصاب بشكل فوري ودقيق. إصابات الشرايين، على الرغم من أنها أقل شيوعًا من إصابات الأعصاب، قد تتطلب تدخلًا جراحيًا عاجلاً، وإهمالها قد يؤدي إلى مضاعفات كارثية، بما في ذلك بتر الطرف. من الجدير بالذكر أن حوالي 25% من حالات خلع الركبة الأمامي يصاحبها إصابة في العصب الشظوي الأصلي.
التقييم العصبي الوعائي والتعامل الأولي
التقييم العصبي الوعائي للطرف المصاب هو حجر الزاوية في التدبير العلاجي الأولي. يجب توثيق الحالة العصبية الوعائية قبل أي محاولة لرد الخلع. يجب البحث عن علامة “الغمزة” (Dimple Sign)، وهي عبارة عن انخفاض أو تجعد في الجلد حول الركبة، يشير إلى أن اللقيمة الفخذية الإنسية قد اخترقت المحفظة الإنسية للركبة، مما يجعل رد الخلع مغلقًا أمرًا صعبًا أو مستحيلاً. تأخير رد الخلع في هذه الحالة قد يؤدي إلى نخر الجلد.
بعد التقييم الأولي، يجب محاولة رد الخلع مغلقًا تحت التخدير كإجراء طارئ. بعد رد الخلع، يجب إعادة تقييم الحالة العصبية الوعائية للطرف للتأكد من عدم وجود أي مضاعفات ناتجة عن الرد. يجب أيضًا إجراء صور شعاعية (أشعة سينية) للركبة مرة أخرى لتأكيد نجاح الرد.
التعامل مع إصابات الشرايين المحتملة
لا يوجد بروتوكول موحد للتعامل مع إصابات الشرايين المشتبه بها المصاحبة لخلع الركبة. تشمل علامات إصابة الشرايين:
- انخفاض حجم النبض أو غيابه التام.
- برودة أصابع القدم مع تباطؤ في الامتلاء الشعيري.
- وجود ورم دموي متوسع حول الركبة.
- مؤشر الضغط الكاحلي العضدي (ABPI) أقل من 0.9.
في حال وجود أي من هذه العلامات، يجب استشارة جراح الأوعية الدموية بشكل عاجل. قد يشمل التقييم الإضافي تصوير الأوعية الدموية.
ملاحظة هامة: على الرغم من أن تصوير الأوعية الدموية قد يكون ضروريًا في بعض الحالات، إلا أن العديد من الدراسات أظهرت أنه قد يكون غير ضروري في حالة الفحص السريري الطبيعي تمامًا. ومع ذلك، حتى في حالة الفحص الوعائي الطبيعي، سيحتاج المريض إلى متابعة دقيقة وتقييم مستمر للكشف عن أي علامات تأخر في ظهور إصابات الشرايين. يجب أن تشمل المتابعة فحوصات دورية للنبض والامتلاء الشعيري وقياس مؤشر الضغط الكاحلي العضدي (ABPI) على مدار 24-48 ساعة بعد الإصابة.
إعادة التأهيل والمتابعة طويلة الأمد
بعد التدخل الأولي، يجب وضع خطة إعادة تأهيل شاملة للمريض. تعتمد خطة إعادة التأهيل على شدة الإصابة والإصابات المصاحبة. قد تشمل الخطة:
- تمارين لتقوية عضلات الفخذ والساق.
- تمارين لتحسين نطاق حركة الركبة.
- استخدام دعامة للركبة لحماية المفصل.
- علاج طبيعي.
المتابعة طويلة الأمد ضرورية لتقييم استقرار الركبة ووظيفتها. قد يحتاج بعض المرضى إلى جراحة ترميمية لعلاج عدم استقرار الركبة أو إصلاح الأربطة المتضررة.
نصائح إضافية:
- يجب تثقيف المريض حول طبيعة الإصابة وخطة العلاج.
- يجب تشجيع المريض على المشاركة الفعالة في عملية إعادة التأهيل.
- يجب مراقبة المريض للكشف عن أي علامات لمضاعفات محتملة، مثل التهاب المفاصل أو الألم المزمن.
في الختام: خلع الركبة الأمامي هو إصابة خطيرة تتطلب تقييمًا سريعًا وشاملاً وعلاجًا فوريًا. يجب أن يركز التدبير العلاجي الأولي على تحديد الإصابات المصاحبة والحفاظ على وظيفة الطرف المصاب. تتطلب الرعاية اللاحقة إعادة تأهيل شاملة ومتابعة طويلة الأمد لضمان أفضل النتائج للمريض.