ترميم التجويف الحقي بمطعوم عظمي لعلاج عيوب بابروسكي من النوع الثالث أ
مقدمة حول عيوب التجويف الحقي من النوع الثالث أ
تعتبر عملية استبدال مفصل الورك إجراءً فعالًا لتخفيف الألم وتحسين الحركة لدى المرضى الذين يعانون من تلف شديد في المفصل. ومع ذلك، قد يواجه الجراحون تحديات كبيرة عند إجراء عمليات المراجعة، خاصةً في الحالات التي تعاني من عيوب كبيرة في التجويف الحقي، وهو الجزء الكأسي من مفصل الورك الذي يستقبل رأس عظمة الفخذ. عيوب التجويف الحقي وفقًا لتصنيف بابروسكي، وخاصةً النوع الثالث أ، تمثل تحديًا خاصًا بسبب فقدان كبير في العظام، مما يعرض ثبات الغرسة للخطر. هذه العيوب تتطلب حلولًا جراحية متخصصة لضمان تثبيت قوي وطويل الأمد للغرسة الجديدة.
تعريف عيوب بابروسكي من النوع الثالث أ
عيوب بابروسكي من النوع الثالث أ تتميز بفقدان كبير في العظام الحوضية، يشمل الجزء العلوي والخلفي من التجويف الحقي. غالبًا ما يكون هناك تدهور في حافة التجويف العلوي، ولكن الخط الكولري (Kohler’s line)، وهو خط مرجعي مهم في صور الأشعة السينية للحوض، يظل سليمًا. هذا النوع من العيوب يمثل تحديًا كبيرًا لأنه يؤثر على الثبات الأولي للغرسة ويتطلب تقنيات ترميمية متقدمة.
أسباب عيوب التجويف الحقي من النوع الثالث أ
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى ظهور عيوب بابروسكي من النوع الثالث أ، وتشمل:
- التهاب العظم والنقي: عدوى مزمنة في العظام تؤدي إلى تآكلها وتدميرها.
- تآكل العظام (Osteolysis): غالبًا ما يحدث بسبب رد فعل الجسم تجاه جزيئات البولي إيثيلين المتولدة من احتكاك مكونات مفصل الورك الاصطناعي.
- الفشل المتكرر لعمليات استبدال مفصل الورك: كل عملية مراجعة تزيد من خطر فقدان العظام.
- كسور الحوض: كسور معقدة في الحوض قد تؤدي إلى تشوه التجويف الحقي وفقدان العظام.
- خلل التنسج الوركي (Hip Dysplasia): تشوهات خلقية في مفصل الورك قد تؤدي إلى تآكل غير طبيعي وفقدان العظام بمرور الوقت.
- الأورام: الأورام التي تصيب عظام الحوض يمكن أن تتسبب في تدمير العظام المحيطة بالتجويف الحقي.
دراسة حالة: ترميم التجويف الحقي بمطعوم عظمي
في هذه الدراسة، سنستعرض حالة مريض يبلغ من العمر 67 عامًا يعاني من عيب بابروسكي من النوع الثالث أ في التجويف الحقي الأيسر بعد عدة عمليات استبدال لمفصل الورك.
تاريخ المريض والفحص السريري
- البيانات الديموغرافية:
- العمر: 67 عامًا
- الجنس: ذكر
- مؤشر كتلة الجسم: 23.4
- التاريخ الطبي ذو الصلة:
- اعتلال مفصل الورك التطوري الثنائي.
- جراحة استبدال مفصل الورك الأيسر عام 1999، تم تعديلها بعد ثلاث سنوات بسبب ارتخاء وتآكل العظام (طعم عظمي وتركيب كوب بحجم 56 ملم مع مسامير). إعادة تعديل بعد شهرين بسبب الهجرة (حلقة مولر مع تجويف مثبت بالإسمنت).
- جراحة استبدال مفصل الورك الأيمن عام 1998.
- كسر في عظم الفخذ الأيمن تم علاجه جراحيًا (تثبيت داخلي) في سن 45؛ شفي مع تشوه في التقوس وتقصير.
- الأدوية:
- بازولان (Pazolan).
- تاريخ الشكوى الحالية:
- تم إحالة المريض بسبب ألم في الورك الأيسر لمدة عامين مع تقصير تدريجي في الطرف. يزداد الألم مع المشي، الذي أصبح ممكنًا فقط باستخدام عكازين للسنة الأخيرة. غير قادر على تحمل الوزن وارتداء الجوارب على الجانب الأيسر. لم يذكر المريض تورمًا أو احمرارًا حول الورك.
- الفحص السريري:
- الأعراض: ألم مع تحمل الوزن، وثني، وتدوير الورك الأيسر. الورك الأيمن لديه ألم طفيف مع الثني والتدوير الداخلي. ضمور في عضلات الفخذ الأيسر. ندوب جراحية ثنائية خلفية وحشية من العمليات الجراحية السابقة.
- نطاق الحركة: الورك الأيسر: الثني 100 درجة، البسط 0 درجة، التبعيد 30 درجة، التقريب 35 درجة، التدوير الداخلي 30 درجة، التدوير الخارجي 40 درجة. كان الثني والتدوير مؤلمين.
- اختبارات محددة: تقصير الطرف السفلي الأيسر بمقدار 3 سم. اختبار تريندلنبورغ الأيسر إيجابي.
- الإعاقة الرئيسية: غير قادر على تحمل الوزن والمشي بدون عكازات.
- التقييم: درجة هاريس للورك قبل الجراحة - 19.
- التقييم العصبي الوعائي: لا توجد تغييرات.
التقييم الإشعاعي قبل الجراحة
أظهرت صور الأشعة السينية (AP) للحوض ارتخاءً في حلقة مولر مع هجرة مركز الورك العلوي الوحشي بأكثر من ثلاثة سنتيمترات. كان هناك تدمير للحافة العلوية، ولكن الخط الكولري كان سليمًا، مما يؤكد تشخيص عيب بابروسكي من النوع الثالث أ. بالإضافة إلى ذلك، كشفت الصور عن وجود تآكل كبير في العظام المحيطة بالتجويف الحقي.
الخطة الجراحية والتقنية
بناءً على التقييم السريري والإشعاعي، تم وضع خطة جراحية شاملة لترميم التجويف الحقي باستخدام طعم عظمي.
أهداف الجراحة
- استعادة الثبات الهيكلي للتجويف الحقي.
- توفير قاعدة صلبة لتثبيت الغرسة الجديدة.
- تحسين نطاق الحركة وتخفيف الألم.
- استعادة وظيفة الطرف السفلي.
التقنية الجراحية
- الوصول الجراحي: تم استخدام شق جراحي خلفي وحشي للوصول إلى مفصل الورك.
- إزالة الغرسة القديمة: تم إزالة حلقة مولر القديمة بعناية، مع الحرص على عدم إتلاف العظام المتبقية.
- تحضير التجويف الحقي: تم تنظيف التجويف الحقي من أي أنسجة ندبية أو عظام ميتة.
- تطعيم العظام: تم استخدام طعم عظمي هيكلي لملء العيب العظمي الكبير. تم تثبيت الطعم العظمي بمسامير لضمان الثبات الأولي. يمكن الحصول على الطعم العظمي من عدة مصادر، بما في ذلك:
- طعم عظمي ذاتي (Autograft): يؤخذ من جسم المريض نفسه (على سبيل المثال، من عظم الحوض). يعتبر هذا الخيار الأفضل لأنه يقلل من خطر الرفض المناعي ويوفر خلايا عظمية حية تعزز الاندماج العظمي.
- طعم عظمي خيفي (Allograft): يؤخذ من متبرع متوفى. يجب معالجة الطعم العظمي الخيفي لتقليل خطر انتقال الأمراض.
- بدائل العظام (Bone Substitutes): مواد صناعية تحاكي خصائص العظام الطبيعية. تستخدم في بعض الحالات كبديل أو مكمل للطعم العظمي.
- تركيب الغرسة الجديدة: بعد التأكد من ثبات الطعم العظمي، تم تركيب تجويف اصطناعي جديد مناسب لحجم وشكل التجويف الحقي المرمم. تم تثبيت التجويف الاصطناعي بمسامير إضافية لضمان الثبات الأمثل.
- إعادة بناء الأنسجة الرخوة: تم إصلاح الأنسجة الرخوة المحيطة بمفصل الورك لتعزيز الثبات ومنع الخلع.
- إغلاق الجرح: تم إغلاق الجرح طبقة بعد طبقة.
الرعاية اللاحقة للجراحة وإعادة التأهيل
بعد الجراحة، تلقى المريض رعاية مركزة لضمان التعافي السلس.
بروتوكول إعادة التأهيل
- الأسبوع الأول: الراحة وتخفيف الألم. استخدام العكازات مع عدم تحمل الوزن على الطرف الذي تم إجراء الجراحة عليه.
- الأسبوع الثاني إلى السادس: زيادة تدريجية في تحمل الوزن تحت إشراف أخصائي علاج طبيعي. تمارين لتقوية العضلات المحيطة بالورك وتحسين نطاق الحركة.
- بعد ستة أسابيع: التقدم إلى تمارين أكثر صعوبة وزيادة في الأنشطة اليومية.
المتابعة
تمت متابعة المريض بانتظام لتقييم تقدم التعافي ومراقبة أي مضاعفات محتملة. تضمنت المتابعة فحوصات سريرية وصور أشعة سينية لتقييم اندماج الطعم العظمي وثبات الغرسة الجديدة.
النتائج والمناقشة
بعد مرور عام على الجراحة، أظهر المريض تحسنًا ملحوظًا في الألم والوظيفة.
النتائج السريرية
- انخفاض كبير في الألم.
- تحسن في نطاق الحركة.
- القدرة على المشي باستخدام عكازة واحدة فقط.
- تحسن في درجة هاريس للورك.
النتائج الإشعاعية
أظهرت صور الأشعة السينية اندماجًا جيدًا للطعم العظمي وثبات الغرسة الجديدة.
المناقشة
تؤكد هذه الحالة على أهمية التخطيط الدقيق والتقنيات الجراحية المتقدمة في علاج عيوب التجويف الحقي المعقدة. استخدام الطعم العظمي الهيكلي أثبت فعاليته في استعادة الثبات الهيكلي وتوفير قاعدة صلبة لتثبيت الغرسة الجديدة. ومع ذلك، من المهم التأكيد على أن النتائج قد تختلف تبعًا لعدة عوامل، بما في ذلك حالة المريض العامة، وجود أمراض مصاحبة، والالتزام ببروتوكول إعادة التأهيل.
الخلاصة
يمثل ترميم التجويف الحقي باستخدام الطعم العظمي خيارًا علاجيًا فعالًا للمرضى الذين يعانون من عيوب بابروسكي من النوع الثالث أ. يتطلب هذا الإجراء تخطيطًا دقيقًا وتقنية جراحية متقنة لضمان أفضل النتائج. الرعاية اللاحقة للجراحة وإعادة التأهيل تلعب دورًا حاسمًا في تحقيق التعافي الكامل واستعادة وظيفة الورك. في الختام، يجب على الجراحين النظر في جميع الخيارات المتاحة وتصميم خطة علاجية فردية لكل مريض لضمان أفضل النتائج الممكنة.